لا شك أن القرارات الاستراتيجية التي يتخذها الرؤساء التنفيذيون لها تأثير كبير على مستقبل الشركات ولسوء الحظ، لا يتمكن جميع الرؤساء التنفيذيين من اتخاذ القرارات الصحيحة في جميع الأوقات، مما قد يؤدي إلى خسائر فادحة أو حتى إفلاس الشركة.
واحد من أشهر الأمثلة على ذلك هو قرار الرئيس التنفيذي لشركة كوداك بالتخلي عن تكنولوجيا الكاميرات الرقمية في بداية القرن الحادي والعشرين. كانت كوداك هي الشركة الرائدة في مجال التصوير الفوتوغرافي لعقود طويلة، ولكن عندما بدأ انتشار الكاميرات الرقمية في السوق، لم يكن لدى الشركة الرؤية الكافية لإدراك التحول الذي كان على وشك الحدوث. بدلاً من الاستثمار في تطوير منتجاتها الرقمية، اختار الرئيس التنفيذي آنذاك الاحتفاظ بتركيزها على الفيلم والمنتجات التقليدية. نتيجة لذلك، فقدت الشركة السيطرة على السوق وأعلنت إفلاسها في عام 2012، بعد أن كانت واحدة من أكبر الشركات في مجال التصوير الفوتوغرافي.
كما أن قرار الرئيس التنفيذي لشركة بلاكبيري بالتخلي عن تكنولوجيا لوحة المفاتيح هو مثال آخر على قرار خاطئ أدى إلى خسارة السوق. في وقت كان بلاكبيري هي الشركة الرائدة في مجال الهواتف الذكية، اتخذ الرئيس التنفيذي قرارًا بالتخلي عن تكنولوجيا لوحة المفاتيح التي كانت تميز هواتف بلاكبيري، والتحول إلى شاشات اللمس على غرار هواتف آيفون وأندرويد. نتيجة لذلك، فقدت بلاكبيري حصتها السوقية بسرعة أمام المنافسين الجدد، وأصبحت شركة هامشية في سوق الهواتف الذكية.
وهناك مثال آخر على قرار خاطئ اتخذه الرئيس التنفيذي هو قرار شركة ياهو بشراء منصة بلوق Tumblr في عام 2013 مقابل 1.1 مليار دولار. عندما استحوذت ياهو على Tumblr، كان الهدف هو جذب المزيد من المستخدمين الشباب إلى منصتها ومع ذلك، فشلت ياهو في تحقيق أي قيمة من هذا الاستحواذ، حيث لم تكن قادرة على توليد أي إيرادات كبيرة من منصة Tumblr وفي النهاية، باعت ياهو Tumblr في عام 2019 مقابل 3 ملايين دولار فقط، مما أدى إلى خسارة كبيرة للشركة.
وفي مثال آخر، اتخذ الرئيس التنفيذي لشركة وير لنك (WeWork) قرارًا بالتوسع السريع وافتتاح المزيد من المكاتب المشتركة حول العالم، مما أدى إلى تراكم ديون ضخمة على الشركة. عندما حاولت الشركة الطرح العام الأولي (IPO) في عام 2019، كشفت البيانات المالية عن الوضع المالي المتردي للشركة، مما أدى إلى انهيار الطرح العام وتنحي الرئيس التنفيذي. في النهاية، اضطرت الشركة إلى إجراء عمليات تسريح واسعة النطاق وإعادة هيكلة كبيرة للبقاء على قيد الحياة.
وهناك مثال آخر على قرار خاطئ اتخذه الرئيس التنفيذي هو قرار شركة Blockbuster بعدم شراء شركة Netflix في عام 2000 مقابل 50 مليون دولار. في ذلك الوقت، كانت Netflix شركة ناشئة تقدم خدمة إيجار الأفلام عبر البريد، بينما كانت Blockbuster هي الشركة الرائدة في مجال إيجار الأفلام من المتاجر. ومع ذلك، فشلت Blockbuster في إدراك التحول الذي كان على وشك الحدوث في السوق نحو البث عبر الإنترنت، وفضلت الاحتفاظ بنموذجها التجاري التقليدي. نتيجة لذلك، أفلست Blockbuster في عام 2010 بينما نمت Netflix لتصبح واحدة من أكبر شركات البث عبر الإنترنت في العالم.
هناك أيضًا مثال آخر على قرار خاطئ اتخذه الرئيس التنفيذي هو قرار شركة Xerox بالتوقف عن تطوير تقنيات النسخ واللوحات الرسومية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. في ذلك الوقت، كانت Xerox تملك تقنيات متقدمة في مجال الحاسوب والواجهات الرسومية، ولكن بدلاً من الاستفادة منها، اختار الرئيس التنفيذي آنذاك التركيز فقط على أعمال النسخ التقليدية. نتيجة لذلك، فقدت Xerox فرصة السيطرة على سوق الحاسب الشخصي والأجهزة الذكية، مما أدى إلى تراجع حصتها السوقية على مر السنين.
توضح هذه الأمثلة أن القرارات الخاطئة التي يتخذها الرؤساء التنفيذيون يمكن أن تكون مدمرة للغاية بالنسبة للشركات سواءً كان ذلك بسبب عدم رؤية التغييرات التكنولوجية القادمة، أو بسبب التوسع السريع غير المدروس، أو بسبب عدم الاستفادة من الفرص الاستراتيجية المتاحة، فإن هذه القرارات الخاطئة يمكن أن تؤدي إلى خسائر فادحة وحتى إفلاس الشركات. لذلك، من الأهمية بمكان أن يكون الرؤساء التنفيذيون على دراية كاملة بالاتجاهات والتطورات في أسواقهم، وأن يكونوا قادرين على اتخاذ قرارات استراتيجية رشيدة لضمان نجاح شركاتهم على المدى الطويل.